من رأس الناقورة.. جرى تبديلُ رأسِ "الميكانيزم"/ وإنْ كانَ هذا الإجراء روتينياً ويَحدُث كلَ ستةِ شهور/ لكنْ هل تكون "الثالثة ثابتة" على تفعيلِ عملِ لجنةِ مراقبةِ وقفِ إطلاق النار بعدَ الانكفاء عن القيامِ بدورِها؟// كلُ المؤشرات.. وعلى رأسها مشاركةُ الجنرال "فوق العادة" براد كوبر قائدِ المِنطقة الوسطى ترافقُه الموفدةُ الميركية مورغان أورتاغوس في اجتماعِ اللجنة.. تدلُّ على أن القرار وعلى أرفعِ مستوى في الإدارةِ الأميركية قد اتُّخِذ في تشغيلِ محركاتِ اللجنة للقيامِ بواجبِها باتجاه الضغط على
إسرائيل لتنفيذِ اتفاقِ وقف الأعمال العدائية المُطبَّق من جانبٍ واحد// زيارةُ كوبر وأورتاغوس الخاطفة، وحضورُهما الاجتماعَ الأمني الخماسي في مِنطقة اليونيفيل المحايدة.. رسالةٌ واضحة عن جِديّة التعاطي الأميركي في المرحلةِ الراهنة/ وإنْ هي كانت مبرمجةً قبلَ الجلسةِ الحكومية الأخيرة/ إلا أنها جاءت بعدَ جلسةِ الخامس من أيلول التي رَحّبت بخطّةِ الجيش لحصرِ السلاح/ والتي عَزّزها موقفُ رئاستَي الجمهورية والحكومة، وحَظيت بالتوافق.. وإن "تمنّع الثنائي وهو راغبٌ"/ وقَرّبتِ المَسافات بين جميعِ الأطراف التي تلقّفتها بإيجابية/ وأَرخَت ظِلالاً من الاستقرار على البلاد// وعلى مفاعيلِ جلسةِ الجمُعة.. جاءَ أحدُ الميكانيزم/ حيث استَمعت اللجنة تحتَ إشراف كوبر-أورتاغوس للإحاطةِ التي قَدّمها ممثلُ الجيشِ اللبناني/ وتضمّنت تصوّراً شاملاً للمرحلةِ الأولى من الخطةِ الأمنية.. ومركزُها جنوب الليطاني/ وأبرزُ بنودِها نزعُ السلاح غيرِ الشرعي/ وانتشارُ وَحداتٍ عسكرية/ وضبطُ المعابر ومنعُ إدخالِ الأسلحة الى المِنطقة/ ومصادرةُ الاسلحة التي يَتِمُ العثورُ عليها بعدَ الانتشار/ وعلى نتائجِ المرحلة الأولى يُبنى المقتضى في استكمالِ المراحلِ الأخرى// الجانبُ الأميركي لاسيما قائدُ المِنطقة الوسطى رحّب بالعرضِ اللبناني/ وطَلبَ تزويدَه بتفاصيلَ إضافية حولَ آلياتِ التنفيذ والقدُراتِ المَيدانيةِ المطلوبة/ ما يَعكِسُ اهتمامَ
واشنطن بتعزيزِ التنسيق معَ المؤسسةِ العسكرية اللبنانية/ المُخوّلة حصراً تسييلَ الموقفِ الحكومي اللبناني من الورق إلى أرضِ الواقع/ كإثباتٍ على مدى جِديةِ
لبنان في بسطِ سلطةِ الدولة وبقُواها الذاتية على الأراضي اللبنانية/ والاهتمامُ الأميركي لم يكن ليَبلُغَ مستوى القيادةِ الوسطى لولا وَحدةُ الموقفِ الحكومي اللبناني/ الذي تَلاقى في جِديتِه معَ أولِ بيانٍ عالي اللهجة لمجلسِ التعاونِ الخليجي على مَسافةِ أيامٍ من مؤتمرِ حلِّ الدولتين في نيويورك برعايةٍ سُعودية فرنسية/ وتَضمّنَ البيان ترسيمَ خطوطٍ حُمر
جديدة للأمنِ الإقليمي، معَ التشديد على أهميةِ حلِ الدولتين كأساسٍ لتحقيقِ السلام في الشرق الأوسط// لم يكُن البيان "عابرَ سبيل" في المرحلةِ الراهنة/ بل يتزامنُ معَ "حُلُمِ "بنيامين نتنياهو بإسرائيلَ الكبرى/ التي تُهدِّدُ بقضمِ أراضٍ عربيةٍ وخليجية/ ما قد يُقوِّضُ الاتفاقياتِ الإبراهيمية/ ويَضعُ الرئيسَ الأميركي
دونالد ترامب بينَ خِيارين أحلاهُما مُرّ: إما التخلي عن حِلفِه الخليجي وخزائنِه/ وإما اللَحاقُ بنتياهو "إلى الخراب".