سنا السبلاني
منذ فرض الحصار على قطر وإغلاق الحدود البرّية والبحريّة والجوّية معها ومقاطعتها دبلوماسياً واقتصادياً، برزت معالم أزمة اقتصادية قطرية بدت أولى ملامحها في هلع المواطنين الذين سارعوا الى الأسواق ومحال التجزئة لتخزين المواد الغذائية. لكن إيران لم تقف على الحياد بل سارعت الى شجب الحصار المفروض على قطر، كما أبدت، على لسان رئيس نقابة مصدّري المحاصيل الزراعية لديها رضا نوراني، استعدادها لتصدير السّلع والمواد الغذائية إلى قطر عبر 3 موانئ في جنوب إيران هي: "بوشهر" و"بندر عباس" و"بندر لنكه".
تداعيات الحظر ستُترجم اقتصادياً على الداخل القطري إذا لم يتم تدارك الأزمة، فحتى مع الدعم الإيراني، ما زالت قطر تعاني من شبه حصار تُرجم بتدهور الأسواق المالية وهو "مؤشّر الى وجود نوع من الإهتزاز في ثقة المستهلك والمستثمر في السوق القطرية"، بحسب الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان.
الإمداد الإيراني لقطر لا شك في أنه متنفّس يلحق جزءًا من الأضرار التي تتكبّدها الأخيرة لكنّه لن يكون كافياً لانكماش الإقتصاد القطري ولا يعتبر إنقاذاً تامًّا أو تعويضاً تامًّا عن الحصار المفروض عليها جرّاء القرار العربي"، يوضح أبو سليمان في اتّصال مع "الجديد".
ويشير أبو سليمان الى أن "التبادل التجاري القطري مع بلدان الخليج لا يمكن لإيران تعويضه ولن تستطيع أن تكفي حاجات قطر وتزوّد السوق القطرية بكمّيّة السلع والمواد الغذائية نفسها التي كانت تستوردها من بلدان الخليج وعلى رأسهم السعودية والإمارات"، مضيفاً أنّ "استيراد السلع ترتفع كلفته كلّما كان أبعد من الناحية الجغرافية، وبالتالي سينعكس ذلك ارتفاعاً في الكلفة للمستهلك أيضاً".
تعاون قطر الإقتصادي مع إيران لم يتولّد بعد خلافها الأخير مع دول الخليج، فالبلدان تربطهما علاقة اقتصادية وثيقة وقد أبرمتا اتفاقات لتطوير علاقاتهما الإقتصادية وخاصة داخل منظمة "أوبك"، كما وقّعتا اتفاقيات عدّة منذ العام 1991 في قطاعي النقل الجوّي والبحري والتعاون التقني والعلمي والثقافي والتعليمي.
وتمتلك قطر وإيران أيضاً حقل غاز مشتركاً في مياه الخليج العربي هو "حقل غاز الشمال" أو "حقل فارس الجنوبي"، ومساحته 9700 كيلومتر مربع؛ 3700 كيلومتر مربع منها في المياه الإقليمية الإيرانية حيث تنتج إيران 430 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، و 6000 كيلومتر مربع في المياه الإقليمية القطرية حيث تنتج قطر 650 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.
وعن هذا الموضوع، يقول أبو سليمان إن مبيعات الغاز في قطر ستتأثر أيضاً بسبب المقاطعة الخليجية لها، لأن "جرّ الغاز عبر البرّ لم يعد ممكناً بسبب إغلاق الحدود البرّية مع السعودية، وعبر البحر بات السوق الإيرانية الوحيدة التي يمكن لقطر أن تبيع الغاز عبرها".
قبل المقاطعة، كانت قطر تستورد مواد غذائية من السعودية ومصر و الامارات بقيمة تتراوح بين الـ4 والـ6 مليارات تقريباً، أمّا الآن، فستتحوّل وجهتها الى إيران. وعليه، يقول أبو سليمان إنه من الناحية الإقتصادية "المستفيد الأكبر هي إيران التي باتت لديها فرصة جديدة للدخول الى الخليج. وبتزويدها للسوق القطرية بالسلع الغذائية، ستبيع منتوجاتها وتدخِل أموالاً وتفتح سوقاً خارجية جديدة لها لم تكن موجودة بالأمس القريب".