يَرفعُ الرسولُ الفرنسي باتريك دوريل عصفَه الحكومي إلى الإليزيه في اجتماعٍ روتينيٍ مُغلق يرأسُه إيمانويل ماكرون ويَحضُرُه إيمانويل الثاني بون بهدفِ تقييمِ جولتِه على المسؤولين اللبنانيين قبل الإغلاقِ التامّ ولمّا كان الموفدُ دوريل قد اختَصَّ بالشأنِ اللبناني خمسةَ عَشَرَ عاماً وأصبح خبيراً بنا فهو على الأرجح سيُبلِغُ خليةَ الأزمة أنّ تقريرَه فارغٌ من التأليف وأنّ المعنيينَ بالتأليف قد أصابوهُ بنقصٍ في المناعةِ السياسية وتسبّبوا له بإتلافِ جهازِ المعرفةِ المسبّقة وسيؤكّدُ للخليةِ الفرنسية أنه كان يَعلمُ بالشؤونِ اللبنانية قبل زيارتِه بيروت أما اليوم فقد أَجهزَ القادةُ المحليون على خلاياه الناشطة سياسياً. واجتماعُ الإليزيه سيَسبِقُ لقاءَ ماكرون بوزيرِ خارجيةِ أميركا مايك بومبيو الذي يبدأُ جولةً أوروبية شرق أوسطية تَشمَلُ سبعَ دول وقد مهّدَ بومبيو لجولتِه بالإعلان عن أنّ إدارةَ ترامب سوف تَفرِضُ أشدَّ العقوبات الأسبوعَ المقبل لكنّه قال إنّها تتعلقُ بإيران ولم يَكشِفْ عن الزوائد إلى بقيةِ الفُروع في المِنطقة وستكونُ هذه العقوبات من ضِمْنِ حِزمةِ قراراتٍ صارخة بدأَها ترامب في الداخل الأميركي معَ قطْعِ الرؤوسِ الأمنية ويَستكملُها على مستوى العالم متلاعباً في الوقتِ نفسِه على خَسارةٍ وفوز فهو اعتَرفَ ضِمناً بخَسارتِه أمامَ جون بايدن ثم ما لَبِثَ أن قال: "لقد فاز فقط في نظرِ وسائلِ الإعلام التي تَنقُلُ أخباراً كاذبة أنا لا أُسلِّم بأيِ شيء! أمامَنا طريقٌ طويل لنَقطَعَهُ الانتخابات زُوّرت". انتخاباتُ أميركا مزوّرة من وُجهةِ نظرِ رئيسٍ يعاني اختلالاً في توزانِ تصريحاته فيما التأليفُ الحكومي يواجهُ اختلالاً عقلياً التَمسهُ الموفدُ الفرنسي الذي فرَّ عائداً إلى باريس مصاباً بطلقاتٍ من الأعيرةِ السياسية الخطِرة وبعضُها يَحمِلُ رؤوساً مَسنونة بالكَذِبِ والتحايل والتزيّف وادعاءِ إبداءِ المرونة والتسهيل تَركَ اللبنانيون حكومتَهم في مَهبِّ رياحٍ فرنسيةٍ دولية قادمة على البلاد وأّخذوا يُشرفون على التدقيقِ الجنائي وسَطَ تياراتٍ متعددةٍ وجارفة تداخلت فيما بينَها وشَطرت حتى التيارَ الواحد وآخِرُ المواقف جاءت عبْر النائب جبران باسيل الذي قالَ إنّ التدقيقَ التشريحي في حسابات مَصرِف لبنان واجبٌ وطني وأولويةٌ مُطلقة وبابٌ للتدقيق في كلِ الإنفاقِ العام وإنه يُظهّرُ الفجوةَ المالية وُيبيّنُ الارتكابات ويَكشِفُ مصيرَ الأموالِ المنهوبة والموهوبة والمُحوّلة وأضاف: على الحكومة فرضُ التدقيق بقُوّةِ القوانين الموجودة وعلى مجلسِ النواب الدعمُ والتحصين وبهذا الموقف انشطر باسيل بين ضَفّتي تيارٍ يُشكّلُهما كلٌ من النائب ابراهيم كنعان ووزيرةِ العدل ماري كلود نجم والتي كانَ قد وَصَفها رئيسُ لجنةِ المال والموازنة بوزيرةِ اللا عدل ووَضَعَ وصْفَه لصقاً على تويتر فمَن يُناصرُ مَن؟ وأيُ حربِ تدقيقٍ يَخوضُها التيار ثم دُعاةُ الإصلاح فيما طريقُ التدقيقِ الجنائي أهونُ من هذا بكثير وأوضحُ من تعقيداتِ الجميع وقوانينِهم ورُعاةِ مُحاباةِ الفساد وقد لا يحتاجُ الأمرُ إلى أكثرَ من رفْعِ كتابٍ من الوزير المَعني طالباً رفعَ السريّةِ المَصرِفية عن عنابرِه الوِزارية والإدارية لتبدأَ عمليةُ التشريح ومطابقةِ الصرْفِ على الورق حيث ستَتبيّنُ حينَها كلُ القروشِ الخارجة وكيف ضَلّت طريقَها وعلى ماذا أُنفقت والأمرُ أكثرُ سهولةً من بياناتِ التضليلِ السياسية ومن هيئةِ تشريعٍ وقضايا تعملُ غِبَّ الطلب و"تُشرَّد" سياسياً على حَسَبِ الريح عدا عن أنّ قراراتِها استشاريةٌ غيرُ مُلزِمة ومعركةٌ التدقيقِ الجنائي لا تبدو سوى لتحصيلِ الشعبوية، فيما جميعُهم لا يتمنَّون قيامتَها لأنها إذا حصلت ستَشهدُ على قيامتهم ومن خارجِ الصحونِ السياسيةِ اللاقطة تكون الصورةُ أوضح إذ رأت النائبةُ المستقيلة بولا يعقوبيان أنْ لا أحدَ من السياسيين يريدُ التدقيقَ الجنائي إلا في إطارِ النِكايات السياسية وقالت إن "التشلّش" بالوِزارات هو خوفٌ من القادم الذي سيَفتحُ المِلفات وأَعطت مثالاً على ذلك وزيرَ التربية الحالي طارق المجذوب الذي أَخرجَ الفضائح من الوزارة وعليه فإنّ التدقيق لا يزال يخضع لتبادلِ الاتهامات اليوم والى ادعاء عثرة المصرف المركزي الذي يصبح تفصيلا فيما بعد إذا ما بدأنا من الاهم ثم المهم .