ومع ذلك لم يُعرب أحد الزبائن عن أي شكوى أو يُحدث جلبةً حيال الأمر. حيث تقبّل الزبائن تلك الأخطاء وضحكوا معه في كل مرة. هكذا تسير الأمور داخل مقهى Orange Day Sengawa المعروف
باسم مقهى الطلبات الخاطئة وذلك وفق التقرير الذي نشرته صحيفة Washington Post الأميركية والذي وثق
الظاهرة يوم الثلاثاء 19 أيلول 2023.
يقع هذا المقهى المكون من 12 مقعداً في ضاحية سينغاوا بغرب طوكيو، ويُوظف كبار السن المصابين بالخرف للعمل في تقديم الطلبات مرةً كل شهر. يُذكر أن أحد والدي مالك المقهى السابق كان مصاباً بالخرف، وقد وافق المالك الجديد على السماح لهم باستئجار المكان مرةً كل شهر بغرض تحويله إلى "مقهى للخرف". ويتعاون القائمون على الفكرة مع الحكومة المحلية حالياً من أجل الوصول إلى مرضى الخرف في المنطقة.
ويُمكن وصف المقهى بأنه يمثل مساحة آمنة لمرضى الخرف حتى يتفاعلوا مع أشخاص جدد، ويصبحوا منتجين، ويشعروا بالحاجة إليهم -وهي أشياء ضرورية من أجل إبطاء تقدم الخرف الذي يُعد مرض تحلل عصبي لا علاج له.
وقال النادل توشيو موريتا، الذي بدأت تظهر عليه أعراض الخرف قبل عامين: "المكان هنا ممتع للغاية. أشعر وكأنني أزداد شباباً بمجرد وجودي هنا".
يأتي مرض الخرف بتداعيات مُذلة وأعباء مالية لا تنتهي، ويمثل ظاهرةً عالمية تواجهها جميع المجتمعات. لكن الخرف يمثل تحدياً ملحاً للصحة الوطنية في بلدٍ مثل اليابان، الذي يُعد المجتمع الأكبر سناً في
العالم.
ولا شك أن النقص المزمن في مقدمي الرعاية وارتفاع تكاليف رعاية المسنين داخل اليابان هي
أمور تشير إلى حاجة البلاد لاكتشاف طرق مبتكرة لدعم مرضى الخرف، وذلك حتى يتمكنوا من الحفاظ على نشاطهم العقلي والبدني لأطول فترةٍ ممكنة، بدلاً من العيش في عزلة داخل البيت أو المستشفى.
وتُمثل "مقاهي الخرف" وسيلةً لسد تلك الفجوة. إذ ظهر المفهوم للمرة الأولى في اليابان عام 2017 من خلال الفعاليات المؤقتة، لكن البلاد تشهد تشكيل المزيد من الجهود الأكثر استدامة
اليوم.
يبلغ عمر كازوهيكو 65 عاماً وجرى تشخيصه بالخرف قبل خمس سنوات، بينما يعمل في المقهى مرةً كل شهر. إذ أرادت زوجته أن تعثر له على مكان يُتيح له التفاعل مع أشخاص آخرين بخلاف أولئك الذين يراهم أثناء الرعاية النهارية. وطلبت عائلة كازوهيكو عدم ذكر اسمه الأخير للحفاظ على خصوصية العائلة.