في الثالثَ عَشَرَ مِن نَيسان.. لبنانُ بعدَ واحدٍ وأربعينَ عامًا على نهايةِ الحرب.. فارغٌ مِن سلطتِه الأولى غيرُ واعدٍ بانتخاباتٍ نيابية.. لا لونَ له ولا طعمَ بل رائحة وعلى الشرقِ منّا.. في الثالثَ عَشَرَ مِن نَيسان.. سورية تقعُ في قلبِ الحرب.. وتنتخبُ بَرلماناً على رُكامِها.. طالعاً مِن نارِها لم يتعرّفِ الشعبُ السوريُّ والمُحيطُ على مجلسِ نوابِها القديمِ المولودِ باللونِ الأسود.. وقد لا يتعرَّفون إلى مجلسِ شعبِها الجديدِ المنتخبِ على حدِّ الخطَر.. وفي بلدٍ نَزَحَ نِصفُ سكانِه.. وتتحكّمُ بأكثرَ مِن النِّصفِ الآخرِ مجموعاتٌ مسلحة أصبح لديها إماراتٌ ومجالسُ ومحاكمُ شرعية . المشتَركُ بين
سوريا ولبنان هو أننا شعبانِ في بلدٍ واحد.. هنا تتعذّرُ علينا الانتخاباتُ وهناك يلجأونَ إليها لإظهارِ استمراريةِ النظام فلا صناديقُنا ستُفتحُ ولا صناديقُهم ستتغيّر.. ورسالتُها إلى العالَمِ أنّ الرئيسَ
بشّار الأسد مازال قادراً على التحكّمِ وإدارةِ اللُّعبة.. وإنزالِ الورقةِ الانتخابيةِ على مواقيتِ محادثاتِ جنيف . وفيما عجَلاتُ الانتخاباتِ النيابيةِ مُطفأةٌ لبنانياً.. فإنّ محرِّكاتٍ محليةً بدأت بالدورانِ على الصعيدِ البلديّ.. وقدِ افتَتحت مدينةُ زحلة معركتَها بإعلانِ الانفصالِ واختيارِ اللجوءِ إلى التنافسِ الأشرسِ على مستوى
لبنان.. قواتٌ عونيونَ كتائب.. وفتوش بشكلٍ مستقلٍّ ضدّ كتلةِ الراحل إيلي سكاف لكنّ رئيسةَ الكتلةِ ميريام سكاف قرّرت المواجهةَ وأعلنت خِيارَ التحدّي منفردةً في خطوةٍ رجحّت فيها احتمالاتُ الربّح والخَسارة معاً والتي ستكونُ أكثرَ كرامةً من المقاعد ِالخمسةِ المعروضة ِعليها . وعلى مستوى
بيروت فاتحةِ المعارك.. فإنّ الحربَ لم تستَعرْ بعد فيما زعيمُ
المستقبل بدا كمَن يطفىءُ نيرانَ البلدياتِ في كلِّ اتجاه ويمدُّ اليدَ للتحالفات حتى "ما يحط إيدو بيجيتو" هو يريدُها انتخاباتٍ بأقلِّ الأضرار "المادية" الممكنة ليتجنّبَ في المستقبل الانتخاباتِ النيابية.. ونظامَها النسبيَّ المكروهَ لديه إذا وجد .
الحريري الذي تحدّث في ذكرى الثالثَ عَشَرَ مِن نَيسانَ عن تمسّكِه بالطائف يبدو أنه لم يقرأ من الطائفِ إلا جغرافيتَها.. ولم يرشدْه أحدٌ إلى أنّ النسبيةَ هي ركنٌ مِن أركانِ االطائف.. وهي الأساسُ في منعِ الحربِ الأهليةِ التي قد تذُكرُ وقد تعاد إذا ما استمرّ الحكم ُأكثرياً مُلغياً للآخرين.