همس رئيسُ حزبِ الكتائبِ في أُذُنِ رئيسِ الحكومةِ بالاستقالةِ شفَهيًّا ومنفرداً مِن دون حضورِ الوزيرينِ المستقلين تلفزيونياً. والقنبلةُ الكتائبيةُ اتّضح أنها فعلاً مسيّلةٌ لدموعِ قزي وحكيم اللذينِ سيطرحانِ في اجتماعِ المكتبِ السياسيِّ يومَ الاثنينِ إمكانيةَ العودةِ عن الاستقالة.. وفي ضوءِ النقاشِ سيتّخذانِ الموقفَ المناسب. وإذا كانتِ الكتائبُ تحتَ سقفِ التداول الحزبيّ.. فإنّ ثورةَ الأحزابِ تأخذُ شكلَ التغييرِ على مواقيتَ واحدة. فتيارُ المستقبل يقلّم الأظافرَ الداخلية.. وحزبُ الله بدأ ورشةً تنظيمية.. والاشتراكيُّ سبق الجميعَ إلى يومِ الحسابِ من الجردِ إلى الساحل. لكنّ كلَّ هذه "النَفْضة" الحزبية ليست وليدةَ شغفٍ إلى الديمقراطية.. بل إنّ ما حتَّمها هو نتائجُ الانتخاباتِ البلديةِ التي أدخلتِ العائلاتِ والمجتمعَ المدَنيَّ شريكاً معَ الأحزاب.. وهدّدتهم على أرضِهم ووقَفت في وجهِ طبقةٍ سياسيةٍ حكمت البلدَ ثلاثين عاماً وباعت مصالحَ أبنائِه بثلاثين مِن فِضة. واليومَ تَعِدُ هذه الطبقةُ نفسَها بمشاريعَ تنمويةٍ للناس.. فبلغةِ التوريث تحدّث الرئيس سعد الحريري عن مشاريعَ مِن زمنِ "الوالد" في البقاعِ الغربيّ وراشيا وعرسال.. من محطةِ تَكريرٍ وصَرفٍ صِحيٍّ وتنظيفِ الليطانيّ واستكمالِ الأوتوستراد العربي. ولأنّ الشعب كان منهمكاً بالإفطار في شتورا أثناءَ كلمةِ الحريري فإنّ أحداً لم يلفِتْ عنايتَه الى أنّ هذه المشاريعَ موجودةٌ منذ أربعٍ وعشرينَ سنةً وأنّ معظمَها كان من صنعِ الراحل إيلي سكاف لكنّ ما دلى به زعيمُ المستقبل هو إقرارٌ واعترافٌ بأنّ السلطةَ أرادت للبقاعِ أن يكونَ متخلفاً عن الزمنِ أربعاً وعِشرينَ سنة... وُعودُ البقاع كانت عَصبَ حُكمِ رفيق الحريري.. وبينَها الأوتوستراد الذي سمُي عربياً لطموحاته الواسعة.. وحُلمُ الرفيق بأن يتمَ وصلُ هذا الأوتوستراد بفلسطين المحتلة بعد صُنعِ السلام. أَكلَ أهلُ البقاع منَ الوعد وشَربوا.. لا بل أُتخموا من كلام المنابر... وإذا كان السلامُ مع إسرائيل في الماضي قريباً من المناظير الحريرية.. فإنه أقربُ اليوم بالنسبة إلى المعارضةِ السورية التي جلست في هرتزليا. عصام زيتون شارك في المؤتمر عن الجيش الحر.. معلناً أنه سيطرحُ الأزمةَ السورية هناك.. لكن أحداً لم يُطلِعْهُ أيضاً بأن هرتزليا مؤتمرٌ صُنِعَ فقط لحماية أمن إسرائيل من أعدائها العرب