خاص الجديد – علي صولي
نتعرف سوياً اليوم على موهبة لبنانية كروية
جديدة تتألق في بلاد الإغتراب، تحديداً في ألمانيا مع نادي بوروسيا دورتموند الغني عن التعريف. إنّه أحمد محمد نجدي، من مواليد مينستر في ألمانيا بتاريخ 4 شباط 2009 (14 عاماً)، الهداف الذي يحظى بمتابعة كبيرة لصقل مهاراته في بلاد تدرك جيداً أهمية الإستثمار في الموارد البشرية للإستفادة من مهارات قاطنيها، كل بحسب مهاراته وما يمكن أن يضيفه في سبيل تطورها.
في الثالثة من عمره، بدأ شغف أحمد بالكرة فكان يجري خلفها من مكان إلى آخر ويمضي وقته باللعب مع شقيقه الذي يكبره بسنتين ما لفت إنتباه والده الذي قرر أن يرسله إلى بوروسيا أمستتن، أحد الفرق المتواجدة في مكان سكنه حيث يعمل المدربون على تمرين الأطفال على فكرة تسمّى "التعود على الكرة" وسرعان ما اكتشفوا موهبته من خلال سهولة تحركه بالكرة وشخصيته القوية التي تحب
التحدي.
برز أحمد رفقة نجل مدربه في فريق منطقته، ونجحوا في الفوز بالعديد من الدورات المخصصة للأطفال في عمرهم، ما جعل بوروسيا أمنستتن محط أنظار جميع المراقبين. كما أنّ مدرب الفريق كان يطلب خوض مباريات ودية مع كبار الفرق في ألمانيا كبوروسيا
مونشنغلادباخ وبوروسيا دورتموند وغيرها. إلى ذلك، عرف والدا أحمد كيفية الإستفادة من "نعمة" تواجدهم في بلد أوروبي يعتني جيداً بالمواهب، فكانا يرسلان ولدهما إلى أي دورة تدريبية كانت تقام في الجوار، وكان من بينها المعسكر التدريبي لنادي ريال مدريد الإسباني، الذي يجول كشافوه في
أوروبا ويقيمون معسكرات هدفها إكتشاف مواهب جديدة، بالإضافة إلى معسكر مايكل رومنيغيه، شقيق رئيس نادي بايرن ميونيخ السابق كارل هاينز رومنيغيه، اذي أبدى إعجابه بقدرات الطفل اللبناني.
نقطة تحوّل
في الثانية عشرة من عمره، عرف أحمد نجدي نقطة تحوّل في حياته الكروية عندما تم إستدعاؤه إلى تجارب المدرسة الكروية الألمانية لإختبار الفئات العمرية، وإختيار منتخب المقاطعات في ألمانيا. هذه
المحطة عادة ما تكون أساسية لكشافي كبار النوادي الألمانية لرصد المواهب، ومن بينها بوروسيا دورتموند الذي قرر كشافوه إختيار نجدي من ضمن 320 لاعباً لخوض مخيم تدريبي يتم في نهايته إختيار 33 لاعباً، فبرز الفتى اللبناني بقوة وحجز مكانه في القائمة النهائية لكن دون أن يتلقى ذووه أي إتصال بعدها لضم نجلهم.
في تلك الفترة، تلقى أحمد دعوة للذهاب إلى نادي بوخوم، هناك تفاجأ والده عندما إكتشف أنّ النادي يراقب إبنه ويحتفظ بمقاطع فيديو لأبرز لقطاته على مدار أربع سنوات قبل أن يقدموا له عرضاً للإنضمام إليهم. بعدها بفترة قصيرة، تلقى الوالد إتصالاً يفيده أن دورتموند صرف النظر عن ضم إبنه، فكان القرار بقبول عرض بوخوم.
دورتموند: الإنتقام قبل الإنضمام
بعد إتفاق مبدئي مع نادي بوخوم، شارك أحمد في منافسات المقاطعات حيث حصل على فرصة ذهبية للإنتقام من دورتموند في لقاء بين المقاطعتين إنتهى بفوز كاسح بسداسية نظيفة كانت جميعها من توقيع نجدي. تألق الشاب اللبناني في تلك المباراة جعل مدرب الفئات العمرية في نادي دورتموند ينفجر غضباً بوجه كشافي النادي. وفي اليوم التالي، قرر المدرب زيارة مكان عمل والد اللاعب ليطلب منه ضم نجله متعهداً بالتوصل إلى حلّ مع بوخوم لتسوية الوضع كون أحمد لم يمثّل النادي في أي مناسبة رسمية. وبالفعل، تمت التسوية بعدما طلب والد اللاعب مخاطبة بوخوم أولاً، قبل أن يباشر دورتموند في إجراءات ضمه رسمياً ويخصص له سائقاً يقلّه من منزله إلى مركز التدريبات، مع وجود مدرّس داخل السيارة ليساعده في إتمام واجباته المدرسية خلال فترة التنقل.
في فترة وجيزة، نجح نجدي في فرض نفسه بقوة ليحتل وصافة ترتيب الهدافين في الدوري الرسمي لفئته العمرية برصيد 21 هدفاً على الرغم من غيابه عن الملاعب لأسابيع عدة بسبب الإصابة، وهذا ما جعل نجم الكرة الألمانية الشهير لارس ريكن يتبنّى موهبته ويكون حاضراً خلال توقيع اللاعب على عقد إحترافي رسمي مع دورتموند الذي قطع الطريق أمام أكثر من نادٍ أبدوا اهتمامهم بضم اللاعب، من بينهم
غلطة سراي التركي.
إستعرضنا سوياً قصة شاب لبناني حظي بإحتضان أوروبي لموهبته، فكان الإغتراب خشبة خلاص بالنسبة له ولعائلته، فيكفي أن نقرأ بتمعّن التفاصيل التي سردناها أعلاه ليتضّح لنا أنّنا نعيش في كوكب موازٍ يجعلنا نتعامل مع الوقائع كأنها أمور "سوريالية" من وحي الخيال، وقد يكون ذلك مخرجاً وحيداً لإقناع عقولنا بحجم الفجوة بيننا وبين الإحترافية على المستوى العالمي.