الواقعة سرعان ما خرجت من إطارها الفني لتتحوّل إلى قضية رأي عام، حيث اعتبرها منتقدون تصرّفًا صادمًا لا ينسجم مع القيم والعادات السائدة، ولا مع رمزية المناسبة الوطنية، فيما رأى مؤيدون أن ما قُدّم يندرج ضمن تقاليد المسرح الاحتجاجي، الذي يستخدم الجسد والصدمة كأدوات تعبير عن الألم والواقع القاسي.
عدد من المسرحيين والمثقفين شددوا على أن تقييم
العرض يجب أن يتم من زاوية فنية، مؤكدين أن المسرح تاريخيًا لم يكن مساحة للترفيه فقط، بل منصة لطرح الأسئلة وكسر المألوف، وأن توظيف الجسد في الأداء حاضر في تجارب مسرحية عالمية وسودانية سابقة.
في المقابل، رأى معارضون أن الرسائل السياسية والإنسانية يمكن إيصالها دون تجاوز الحساسية الاجتماعية، محذرين من أن الصدمة قد تطغى على الفكرة الأساسية وتحوّل
النقاش من مضمون العمل إلى شكله.
وبين هذين الموقفين، يبدو أن عرض
محمد تروس حقق هدفًا أساسيًا، وهو فتح نقاش عميق حول حدود الحرية الفنية ودور المسرح في زمن الأزمات، نقاش مرشّح للاستمرار في ظل واقع
سوداني مثقل بالأسئلة والانقسامات.