"يا شباب حزب الله".. مواقف جديدة لـ جعجع!

2025-12-29 | 07:05
"يا شباب حزب الله".. مواقف جديدة لـ جعجع!

أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع" أن لا عقدة تجاه "حزب الله"، ولا دوافع سياسية أو انتخابية ضيّقة للحديث عنه، إلا أن السبب الوحيد لتكرار التصويب عليه في التصريحات هو الضرر الكبير الذي ألحقه بلبنان، فوجوده خرّب البلاد"، مشدداً على" أنّ" القوات" ستستمر في مواجهة "حزب الله" سياسيًا وقول الحقيقة من دون خوف أو مساومة، طالما ان هناك سلاحا خارج الدولة لا دولة فعلية في لبنان".

واعتبر جعجع أنّ "حزب الله" أكبر مصيبة في تاريخ لبنان الحديث، لأنه عطّل الحياة السياسية، ومنع قيام الدولة، وأدّى إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والثقافي". وشدد على "أنّ استمرار دعم إيران لـ"حزب الله" ليس مجانًا، بل لخدمة أهداف إقليمية، وللاستخدام كورقة تفاوض دولية، على حساب استقرار لبنان وأمنه".

أما في موضوع الإنتخابات النيابية، فقد رأى جعجع أنها "المدخل الأساسي للخلاص، وأنّ على اللبنانيين أن يدركوا أنّ مصيرهم يتحدّد بالصوت الذي يضعونه في صندوق الاقتراع"، منتقداً "ثقافة التصويت على أساس عائلي أو مناطقي أو خدماتي"، ومعتبرا أنها "أحد الأسباب الرئيسية للانهيار الحالي".

وأكّد "أنّ مركز السلطة الفعلية في لبنان هو مجلس النواب، وأنّ امتلاك أكثرية واضحة فيه كفيل بحسم المواجهة". ودعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو لـ"التيار الوطني الحر"، معتبرا "أنّ التصويت لهما خطأ فادح أثبتت التجربة نتائجه الكارثية على البلد". كما حذّر من التصويت "غير المفيد" أو ما يُعرف بـvote inutile، أي انتخاب نوّاب بلا تأثير سياسي فعلي، لأنّهم يشغلون المقاعد من دون قدرة على التغيير".

وأوضح "أنّ إدارة الدولة تحتاج إلى كتل وأحجام سياسية كبيرة ورؤية واضحة، وليس إلى نوّاب أفراد بلا تنظيم أو قرار ولو كانوا أصحاب نوايا جيدة"، معتبرا "أنّ شلل مجلس النواب الحالي دليل على خطر الأصوات غير المفيدة"، داعيًا إلى "انتخاب نوّاب قادرين على المواجهة واتخاذ القرار".

كلام جعجع جاء في خلال عشاء لمهندسي الإغتراب في "القوات"، أقامته مصلحة المهندسين في الحزب، في المقر العام في معراب، في حضور، النواب: جورج عقيص، غياث يزبك ونزيه متى، النائب السابق جوزيف اسحق، عضو الهيئة التنفيذيّة دانيال سبيرو، الأمين المساعد لشؤون الإغتراب عماد واكيم، الأمين المساعد لشؤون المصالح نبيل ابو جودة، نائب عميد كلية الهندسة في الـLAU – جبيل سيزار ابي شديد، رئيس مصلحة المهندسين في القوات سامر واكيم، رئيس دائرة مهندسي القوات في الاغتراب وسيم مهنا، عدد من أعضاء المجلس المركزي ورؤساء المصالح ورجال الأعمال وحشد من المهندسين.

وأوضح جعجع أن "الناس يعتقدون أنّ لدينا عقدة، أو يسألون ما سبب أنّنا نتحدّث كلّ يوم عن "حزب الله". في الحقيقة لا، لا، لا. دعوني أُذكّر ببعض الأمور: للأسف، نحن في الحرب اللبنانية التي حصلت واجهنا كثيرًا من الفرقاء، إلّا الإخوة الشيعة، فلم نتواجه معهم ولا في أي مكان، وبالتالي لا توجد أي رواسب من الحرب، ولنبدأ من هنا. ثانيًا، كمنافسة سياسية اليوم، بالكاد نتنافس معهم على مقعد أو مقعدين أو ثلاثة في الانتخابات النيابية، بالكاد، وبالتالي لا توجد منافسة سياسية. ثالثًا، لا أحد من القوات يطمح، برأيي، إلى أن يكون رئيسًا لمجلس النواب، وهو المقعد الرئيسي للشيعة في لبنان، فإذاً لا يوجد لدينا أي سبب عملي، ولا أي سبب على أرض الواقع، ولا أي سبب في حسابات سياسية ضيّقة يجعلنا نتحدّث باستمرار عن حزب الله".

وتابع: "الذي لدينا بالفعل هو أنّ "حزب الله" ألحق ضررًا كبيرًا جدًا جدًا جدًا بلبنان. لكن الأسوأ من ذلك أنّهم، وقد قيل: إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا على الأقل، أمّا هم فلا يسكتون ليلًا نهارًا، نهارًا وليلًا، ينهالون علينا بالتصريحات. اليوم، قبل أن نأتي إلى هنا بثلاث أو أربع ساعات، أسمعونا "الترجومة"، وهذه "الترجومة" ذاتها على ألسنة الكبار والصغار، وعلى ألسنة الشماليين والجنوبيين والبقاعيين، وجميع الناس الذين ينتمون إلى "محور الممانعة"، دفعة واحدة، ثم يريدون منك أن تصدّق. كيف يمكن أن تصدّق؟ أحيانًا تبدأ تشكّ بنفسك: أنا المخطئ أم الدنيا خطأ؟ أم أنّ هناك شيئًا ما خطأ؟".

وتوجّه إلى "حزب الله" بالقول: "يا شباب "حزب الله"، والله ما لدينا شيء عملي ضدّكم، ولسنا نحملكم على ظهورنا، وأهون شيء عندنا أن ننزلكم عن ظهورنا، هذا كان أهون شيء، لكن البلاد خربت، أي إنّ وجودكم خرّبها. تدّعون، وحين نسمعكم يظنّ المرء أنّه لولاكم لما كان هناك لبنان، كأنّ تاريخ لبنان بدأ معكم! روّقوا بالكم يا شباب، تعالوا أقول لكم من هنا: أيّ تاريخ للبنان لكم علاقة به أنتم؟ روّقوا بالكم؛ أنتم خربتم لبنان، وتاريخ لبنان لم يبدأ معكم. أوّلًا، تاريخ لبنان قبلكم ومعكم وبعدكم، ولبنان موجود، وهذا ما لا تستطيعون أن تغيّروا فيه شيئًا. ثانيًا، ليس صحيحًا ما تقولونه. تقولون: لولاكم لما تحرّر لبنان. تحرّر لبنان من ماذا؟ لو كنتم فعلًا حركة تحرّر، فلنفترض ذلك ونسلّم جدلًا، بغضّ النظر عن أنّ هذه المقولة خطأ أصلًا، لأنّه في أي مجتمع إذا لم يُحترم الدستور ولم تُحترم القوانين، وتصرف كلّ واحد على هواه، ينهار المجتمع. ولكن لو افترضنا وسلمنا جدلاً، فقد أقفلنا الحرب الأهلية على أساس معيّن اسمه الدستور، أي "اتفاق الطائف" والدستور. وانطلاقًا من "اتفاق الطائف" والدستور، معروف ماذا يجب على كلّ واحد منّا أن يفعل. الجميع طبّقوا "اتفاق الطائف" إلّا أنتم، ادّعاءً بماذا؟ بأنّكم تريدون تحرير الأرض. لا، ليس أنتم من تحرّرون الأرض! لو تركتم دولة لبنانية فعلية تقوم، هي التي تحرّر الأرض. هذه مسؤوليتنا جميعًا. لكن لنسلّم جدلًا، كما يقول المثل الشعبي اللبناني: "لحاق الكذّاب على باب داره". وصلنا إلى سنة ألفين وتحرّرت الأرض، فلماذا لم تحلّوا أنفسكم وتسلّموا سلاحكم للدولة لتبدأ الأمور من هناك فصاعدًا؟".

واستطرد جعجع: "لقد اخترعوا اختراعًا وغيّروا خرائط. للأسف كانوا مسيطرين على الدولة اللبنانية، خرائط لدى الجيش وفي الدوائر وفي كلّ مكان، ليقولوا: لا، ما يزال عندنا أرض غير محرّرة وهي مزارع شبعا. فتّشنا وبحثنا وقلبنا الأمور، فظهر أنّ مشكلة مزارع شبعا بيننا وبين سوريا، وليست المشكلة مع إسرائيل. إسرائيل تحتلّها الآن، صحيح، وإسرائيل اتخذت قرارًا سنة ألفين بتطبيق القرار 425 وخرجت، وبمجرّد أن نثبت أنّ مزارع شبعا لبنانية وليست سورية، فالإسرائيليون حُكمًا مضطرّون للخروج منها لأنّهم أصلًا اتخذوا القرار. مزارع شبعا في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن مسجّلة على أنّها مزارع سورية وليست لبنانية. فإذا كنّا فعلًا نريد استرجاع مزارع شبعا، فعلينا أن نتفاهم نحن والسوريين، وأن نذهب لتسجيلها على أنّها لبنانية، وعندها فعلًا نسترجعها. لكن جماعة "حزب الله" ليس هذا المقصود لديهم؛ كل المقصود كان أن يجدوا حجّة ليبقوا موجودين بسلاحهم".

ورد جعجع على التساؤل "لماذا يريدون أن يبقوا موجودين؟"، قائلاً: "أتظنّون أنّ إيران منذ أربعين سنة تضخ مليار دولار في السنة لحزب الله مجّانًا، حسنة لوجه الله، وشعبهم المسكين هناك يموت من الجوع؟ انظروا الآن ماذا يحدث: حتى العاصمة كلها يضطرّون إلى نقلها لأنّهم لم يعودوا قادرين على تأمين المياه لها، ومع ذلك يقدمون مليار دولار لحزب الله في لبنان. الإيرانيون يقدمون مليار دولار  لحزب الله في لبنان سنويًا، إضافةً إلى ما يجنيه حزب الله من التجارات غير المشروعة، لأنّهم وضعوه هنا لهدف معيّن، وقد بدأ هذا الهدف يتظهّر أكثر منذ أن حصلت عملية ٧ تشرين، ويتأكد اكثر كل يوم".

وسأل جعجع: "بعد كل ما حصل، لماذا لا يزالون متمسّكين إلى هذا الحدّ بقصّة حزب الله؟ لأنّه ربما في وقت من الأوقات—وأقول ربما—يجلسون هم والأميركيون، فتكون لديهم ورقة إضافية على طاولة المفاوضات. فقط ليكون لديهم ورقة إضافية للتفاوض. انظروا كم من مآسٍ ومخاطر وحروب ودمار يتسببون بها للبنان".

وتابع: "يا شباب حزب الله، كفاكم تقولون لنا كلامًا كأنّنا جئنا من الصين أمس أو من إسطنبول أوّل أمس، أنّكم هنا حركة مقاومة. أي مقاومة هذه؟ في إيران إذا قالوا لكم الآن "سكّروا" تسكّرون، وعندها لا تعود هناك حاجة إلى مقاومة في لبنان. والمقاومة في لبنان ليست مهمتكم، بل هي مهمة الدولة اللبنانية".

وأوضج جعجع أن "بناءً على كل ما تقدّم، السبب الذي يجعلنا نتحدّث كل يوم عن حزب الله بسيط: لأنّ حزب الله كل يوم يتحفنا بنظرياته، ونحن مضطرّون أن نُبيّن الحقيقة للناس، لأنّ ليس جميع الناس مضطرّون أن يفتّشوا في التاريخ والوقائع ليعرفوا ما هو الصحيح وما هو غير الصحيح. نحن مضطرّون أن نعيد طرح الأمور كما هي وأن نضعها في نصابها الصحيح".

وشدد جعجع على أن "أكبر مصيبة وقع فيها لبنان في تاريخه الحديث اسمها "حزب الله". حزب الله لم يترك مجالًا للدولة أن تقوم، ولا يمكن لدولة أن تقوم بوجوده. الدولة تعني سياسة، ومجرّد وجود حزب الله عطّل كلّ اللعبة السياسية الفعلية، وبالتالي لم يعد لدينا دولة فعلية، بل فساد كما تلمسون، وكلّ الباقي من تدهور على المستويات كلها. الجميع يعرف ماذا كان لبنان، وأين أصبحنا، وأين نحن وأين العالم، وكل هذا بسبب حزب الله. لم يعد لدينا اقتصاد، ولم يعد لدينا فن، ولم تعد لدينا ثقافة، ولم يعد لدينا شيء، لأنّ السياسة أولًا. أي مجتمع لا تستقيم فيه السياسة يستحيل أن يستقيم فيه أي شيء آخر. الزراعة لا تستقيم إذا لم تستقم السياسة، لأنّ كل ذلك يتطلّب إدارة وتمويلًا وموازنات وتخطيطًا، وكلّ هذا يستحيل أن يوجد إذا لم تكن هناك دولة جدّية موجودة. إذا لم يفعل حزب الله شيئًا سوى تعطيل قيام دولة فعلية، فهذا وحده يكفي لتكون أكبر جريمة بحقّ الشعب اللبناني".

واستطرد جعجع: "ومع ذلك، بعد كل ما مررنا به، يعودون كل يوم ليعطونا محاضرات عن أنّه لولاهم لوصل الإسرائيليون إلى بيروت! يذكّرونني بنكتة كنّا نسمعها ونحن أولاد صغار بعد حرب 67: يُقال إنّ سوريًا قال لصاحبه: رأيت نتيجة الحرب كيف غلبنا إسرائيل؟ فسأله: كيف هذا الكلام وقد احتلّوا القنيطرة؟ فأجابه: نعم، كانوا يريدون الوصول إلى الشام، لكنهم لم يتمكنوا سوى من احتلال القنيطرة فقط. حزب الله يقول لنا إنّه منع الإسرائيليين من الوصول إلى بيروت. من قال لكم إنّهم يريدون الوصول إلى بيروت؟ معروف أنّه حتى غزة، بحجمها الصغير، وحدودها المحدودة، ومع مصالحهم المباشرة فيها، رأينا كيف كانوا يدخلون اليها ويخرجون. جماعة "حزب الله" يضحكون على الناس كما يشربون الماء، ليل نهار. يقولون إنّهم منعوا الإسرائيليين من الوصول إلى بيروت، قبل أن يمنعوا الإسرائيليين ليفكّوا هم عن بيروت، وعندها الإسرائيليون مسؤوليتنا جميعًا".

ورد جعجع على التساؤل "لماذا نذكر دائما حزب الله؟"، قائلاً: "لأنّه لا يفكّ عنا، وطالما لا يفكّ عنا لن نفكّ عنه، وطالما لم يفكّ عن لبنان فلا لبنان فعليا. ومن هذا المنطلق، واجبنا جميعًا أن نقول الحقيقة كما هي، وأن نقولها بشكل واضح، وأن نقولها من دون خوف، ومن دون مصالح صغيرة شمالًا ويمينًا، كما يفعل البعض الذين يجمعون بين النار والماء: يبدأ تصريحه مع حزب الله وينهيه بتصريح ضد حزب الله، والله يعلم في النهاية مع ماذا هو وضد ماذا هو. يجب أن نستمرّ في قول الحقيقة بهذا الشكل حتى نخلص من أكبر مشكلة وقع فيها لبنان".

وأوضح جعجع أن "جماعة حزب الله يخرجون اليوم ويطرحون موضوع حصر السلاح بيد الدولة على أنّه انصياع للمشيئة الأميركية الإسرائيلية، في حين أنّنا نطرح هذا الموضوع منذ أربعين سنة، في الوقت الذي كانوا هم يعقدون صفقات مع الإسرائيليين ويتبادلون الأسرى، وفي الوقت الذي كانوا يحاولون التفاوض مع الأميركيين من تحت الطاولة. هذا مطلب أساسي، وبدونه لا دولة لبنانية. ومن هذا المنطلق أتمنّى أن يراجع الجميع مواقفهم وأن نتخذ الموقف الذي يجب أن نتخذه، لأنّ المكابرة مهما طالت لا بدّ أن تنتهي. ومثلما ترونني أراكم، وصلنا إلى وقت لن يبقى في لبنان إلّا الدولة اللبنانية التي نريدها جميعًا، والتي ستكون فعلًا في خدمة جميع الناس، وستحرّر فعلًا الأرض اللبنانية كلها، لا بالقول ولا بالشعارات".

أما في موضوع الإنتخابات، فقد لفت جعجع إلى أن "أحد الأسس الرئيسية التي سنخوض الانتخابات على أساسها هو التالي: الشعب اللبناني يجب أن يؤمن بأنّ مصيره بين يديه. تأكّدوا أنّ هناك شريحة كبيرة من المجتمع لا تؤمن بذلك. المسألة ليست مسألة جمع أصوات فحسب، بل هناك مفهوم أساسي إذا نجحنا في تغييره، أعتقد أنّنا سنربح المعركة إلى الأبد. الناس لا يربطون بين الصوت الذي يضعونه في صندوق الاقتراع وبين مصيرهم، يظنّون أنّهم يصوّتون لشخص فقط، من دون أن يدركوا تمامًا لماذا يصوّتون له، ولا يصدّقون أنّ هذا الشخص يحدّد مصيرهم، في حين أنّه على أرض الواقع يحدّد مصيرهم فعلًا".

وأشار جعجع إلى أن "كثراً يصوّتون لابن عائلتهم، أو ابن بلدتهم، أو منطقتهم، أو لصديق أو صديقة، أو لشخص خدمهم، أو وقف إلى جانبهم في الشدّة، أو عزّاهم في حزن أو هنّأهم في فرح. هذا المفهوم في التصويت خاطئ، وخطأ كبير يقع فيه جزء من الشعب اللبناني، وهو ما أوصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه اليوم". وقال: "إن مركز السلطة الفعلية في لبنان هو مجلس النواب. مجلس النواب هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية، وهو الذي يسمّي رئيس الحكومة، وهو الذي يمنح الثقة للحكومة أو يسحبها منها. فإذا كان لدينا مجلس نواب يتمتّع بأكثريّة في الاتجاه الصحيح، نكون قد حسمنا كلّ شيء. أمّا إذا كان نصف المجلس من نوّاب ينتظرون كيف تسير الأمور ليسيروا معها، من دون رأي حرّ أو قرار مستقلّ، أو يبحثون عن خدمات صغيرة، فسنظلّ على حالنا".

وتساءل جعجع "هل يُعقل أن يصوّت نوّاب مع أو ضدّ مشاريع مصيريّة، كقانون الانتخاب أو قانون الفجوة المالية، انطلاقًا من انتظار خدمة من رئيس المجلس أو رئيس الحكومة أو غيرهما، بغضّ النظر عن أثر تصويتهم على مصير البلد؟ لو كان لدينا نوّاب يتصرّفون في مجلس النواب على أساس المصلحة العامة، لما كنّا في الوضع الذي نحن فيه اليوم. ولكي يكون لدينا هذا النوع من النوّاب، يجب أن ينتخبهم الناس".

وتابع جعجع: "خلال السنوات الأربعين أو الخمسين الماضية، خسر لبنان الكثير من ميزاته، لكنّه لم يخسر ميزة أساسية هي الانتخابات. ما زالت لدينا انتخابات على  المستويات كلها، لكن علينا أن نعرف كيف ننتخب، لكي يصل النوّاب المناسبون، الذين لديهم الجرأة ويعرفون كيف يؤدّون المطلوب منهم. تأكّدوا أنّ الخلاص يتوقّف على هذه النقطة بالذات".

وأكّد جعجع أننا "سنخوض الانتخابات النيابية على هذا الأساس: علينا أن نقنع الناس بأنّ ذهابهم إلى الانتخابات وتصويتهم بالشكل الصحيح هو ما يخلّصهم، وأن العمليّة الإنتخابيّة ليست مجرّد واجب اجتماعي أو وطني شكلي. يجب أن يقتنعوا بأنّ مصير البلد يتوقّف على الصوت الذي يضعه كلّ مواطن لبناني في صندوق الاقتراع".

وتوسّع جعجع في تفسير كيفيّة التصويت الصحيح، وقال: "لن أتحدّث عمّن يجب أن ننتخب، بل عمّن يجب أن لا ننتخب. أوّلًا، يجب أن لا نصوّت خطأ. التصويت الخاطئ خطيئة كبيرة. ولا يجوز إطلاقًا التصويت لما يُسمّى "محور الممانعة" أو "التيار الوطني الحر". هذا تصويت خاطئ، وأقولها علنًا وبكلّ وضوح وصراحة. تجربة السنوات الماضية تكفي لإثبات ذلك. محور الممانعة يعيش في عالم آخر، على كوكب آخر، أولويّاته ليست أولويّاتنا، فالاقتصاد، والتربية، والمجتمع، والاستقرار، والأمن ليست ضمن أولويّاته. أمّا "التيار الوطني الحر"، فالحكم عليه ليس افتراضًا، بل نتيجة تجربة طويلة امتدّت خمس عشرة سنة في السلطة، وفي رأس السلطة، ورأينا في نهايتها إلى أين أوصلتنا".

وتابع جعجع: "هناك نوع آخر من الأصوات أخطر على مصير البلاد، وهو ليس الصوت الخاطئ فحسب، بل الصوت غير المفيد. ففي فرنسا يسمّونه " vote inutile" (تصويتًا غير مجدٍ). وهو التصويت لنوّاب لا طعم لهم ولا لون. المشكلة في هذا النوع من النوّاب أنّهم في الغالب أشخاص جيّدون، ليسوا أشرارًا ولا فاسدين، وبعضهم يقوم بأعمال خيرية، لكنّ كلّ ذلك لا علاقة له بالسياسة ولا بإدارة البلاد. إدارة البلاد تتطلّب رجال دولة قادرين على اتخاذ قرارات يومية، على أساس رؤية واضحة واستراتيجية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلّا من خلال أحجام سياسية كبيرة".

وتساءل جعجع: "كيف يمكن لنائب مستقلّ أن يغيّر شيئًا في البلد وهو يشكّل صوتًا واحدًا فقط في مجلس النواب؟ مهما صوّت بالشكل الصحيح، لن ينتج عن صوته وحده شيء. هذا النوع من النوّاب، من دون سوء نيّة، يربك اللعبة السياسية ويعطّلها، لأنّه يشغل مقعدًا من دون أن يؤدّي دوره كما يجب، فتخرج لنا مجالس نيابية مشلولة، كما هو حال المجلس اليوم".

وتابع: "أليست تصرّفات رئيس المجلس النيابي في الآونة الأخيرة دليلًا واضحًا على ذلك؟ كيف يُعقل أن يبقى اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم منذ ثمانية أشهر من دون بتّ، ثم ترسل الحكومة مشروع قانون معجّل منذ شهر ونصف في الموضوع نفسه، كان من المفترض أن يتم أحالته إلى الهيئة العامة منذ 15 يوماً، إلا أنه لم يُطرح أيّ منهما على الهيئة العامة، فقط لأنّ رئيس المجلس لا يريد طرحهما؟ يتصرّف رئيس المجلس وفق حساباته الحزبية الضيّقة، وهذا مفهوم، لكن أين أكثريّة النوّاب؟ صامتون، باستثناء نوّاب تكتّل "الجمهورية القوية" وحلفائنا في حزب "الكتائب اللبنانية" وبعض المستقلّين والآخرين".

وشدد جعجع على ان "هذا هو المقصود بالصوت غير المفيد: صوت يشغل المقعد من دون أن يعطي أيّ فائدة، أو يمنع غيره من شغل هذا المقعد وتحقيق النتيجة المطلوبة".

وكان قد استهل جعجع كلمته بالقول: "قد يعتقد البعض أنّ هذا اللقاء أصبح تقليديًا ويتكرّر كلّ سنة، لكن في الحقيقة لا توجد سنة تشبه السنة التي سبقتها. وهنا، بين قوسين، لا أعرف لماذا يبدو المهندسون هذا العام وكأنّهم متشائمون بعض الشيء، في حين أنّنا، مقارنةً بما كنّا عليه في السنة الماضية، والسنة التي قبلها، وقبلها، وفي السنوات العشر والعشرين والثلاثين، وحتى الأربعين الماضية، نحن اليوم في وضع أفضل بكثير". ولفت إلى أن "الشعار الذي وضعناه "خلاصنا آتٍ" ليس مجرّد شعار ولا هو تمنٍّ، فخلاصنا قد بدأ وهو آتٍ أكثر فأكثر، وسيترجم مع الوقت. لكنّ المهندس، قبل أن يضع الحجر الأوّل ويضع إصبعه عليه، لا يصدّق، ولذلك قيل: "طوبى لمن آمن ولم ير".

وتابع جعجع: "اجتماعنا اليوم ليس كأيّ اجتماع في كلّ سنة، لأنّنا هذا العام في موقع مختلف، كما كنّا في السنة الماضية في موقع مختلف عن التي قبلها، وهكذا دواليك، لأنّنا حركة متحرّكة مع الزمان والمكان. يستغرب البعض فيقولون: ما هي هذه القوات؟ ومن هي هذه القوات؟ في الواقع، أنتم الموجودون هنا أنتم القوات. يظنّ الناس أنّ هناك سحرًا تحت الأرض، أو طيرانًا فوق الأرض، أو شيئًا خارقًا يجعلنا نستمرّ كما نحن، لكنّ الحقيقة أنّ ما لدينا هم شباب وشابات، ورجال ونساء مثلكم، لديهم إيمان راسخ، ويواصلون مواجهة مختلف العواصف".

واعتبر جعجع أننا "اليوم في وضع بات معروفًا، منفتحًا على كلّ الاحتمالات، ولا سيّما الاحتمال الإيجابي. أمّا في السنوات السابقة، فكان البعض يعتقد أنّنا في وضع مقفل. ومع ذلك، استمررنا واستمررنا واستمررنا. وأودّ أن أذكّر الجميع، ومعظم الحاضرين هنا لا يحتاجون إلى تذكير لأنّكم كنتم في هذه المسيرة من بدايتها حتى نهايتها، باستثناء بعض من الجيل الجديد الذي بدأ الآن في هذه المسيرة، بأنّنا كنّا نؤمن أحيانًا "حيث لا يجوز الإيمان". كنّا نؤمن بغضّ النظر عن الظروف، ونواجه كلّ شيء وكلّ أحد، وبقينا نؤمن".

وتابع جعجع: "تذكّروا معي منذ سنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس، بل تذكّروا قبل ذلك، عندما دخل الجيش السوري إلى لبنان، ماذا كان يقول العالم كلّه؟ كان جيش حافظ الأسد، لا جيش بشّار الأسد، وكان يُقال إنّ الجيش السوري حيثما يدخل لا يخرج. ومن هذا المنطلق، استسلم الجميع إلّا القوات اللبنانية. وأذكر أنّ كثيرين قالوا لي في ذلك الوقت: يا حكيم، هذه المبادئ جيّدة، لكن على ماذا تراهن؟ وكنت أجيب: لا أراهن على شيء. في هذه الدنيا هناك ما هو صحيح وما هو غير صحيح، ونحن نفعل الصحيح بغضّ النظر عن الحسابات، وحسابات الدكاكين، وكم يملك هذا وكم يملك ذاك. والفضل في ذلك يعود إليكم جميعًا، وإلينا جميعًا، مع رفاقنا ورفيقاتنا الذين واصلوا الصمود حتى النهاية، فذهب الجميع وبقيت القوات".

وختم جعجع : " أود أن أشدّ على أيديكم، فردًا فردًا، الموجودين معنا اليوم. مجرّد وجودكم وحضوركم، هذا بحدّ ذاته قوّة كبيرة. نحن، بفضل هذا الوجود وهذا الحضور، وبفضل إيمانكم وتعلّقكم واستمراريتكم والتزامكم، مستمرّون، وإذا شاء الله ستتحقّق كلّ الأهداف. ينعاد عليكم بألف خير وسلامة، ونراكم بخير وسلامة".

 
اخترنا لك
مناشدات لـ "جمعية المصارف": للدفاع عن حقوق المصارف والمودعين
10:51
رئيس هيئة الطوارئ المدنية ايلي صليبا: لا صحة لانتشار مرض السل في السجون وهناك حالات كبيرة مُصابة بالانفلونزا
10:51
مراسل الجديد: دوي الانفجار الذي سمع في محيط منطقة المحمودية ناجم عن تفجير نفذه الجيش اللبناني والقوة الإسبانية في اليونيفيل لذخائر غير منفجرة
10:38
سلام: لن نقبل النقد دون تقديم البدائل
10:38
الرئيس سلام: أطلقنا على الحكومة اسم "الإنقاذ والإصلاح" وسنتعامل بصدق وشفافية مع اللبنانيين
10:37
الرئيس سلام: سيتبين لكل من يتعرف على قانون الفجوة المالية أنه سيرد للمودعين حقوقهم وسيُغرّم من حوّل أمواله إلى الخارج
10:35
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق