أصيبت جلسةُ الخميس بنيران الثلاثاء/ وأَطلقتِ الرباعية الوَزاريةُ الشيعية "حركةً تصحيحية" داخلَ مجلس الوزراء/ للعودة عن قرار حصرِ السلاح ضِمن مهلةٍ تنتهي بانتهاء العام الجاري/ وإعطاءِ الأولوية لاتفاقِ وقف إطلاق النار الموقَّع في تِشرينَ الثاني الفائت// فَجَّرت ورقةُ توم براك الجلسة/ إذ رفض وزراءُ الثنائي الانتقالَ إلى النقاش فيها قبل تصحيحِ قرارِ الثلاثاء / وطالبوا بمزيدٍ من الوقت لدراسة الورقة بشكلٍ كاملٍ ومعمَّق / بحسبِ الوزير محمد حيدر/ في حين قال الوزير فادي مكة إنَّ الموقفَ صعبٌ وعملتُ منذ البداية على تضييقِ الفَجَوات بين جميع الأطراف لكنْ لم أنجح/ وأضاف: غادرتُ الجلسةَ بعد مغادرةِ زملائي ولم يكنِ القرارُ سهلاً/ ولم استطعْ تحمُّلَ مسؤوليةِ اتخاذِ قرارٍ بهذا الحجم في ظِل غيابِ مكوِّنٍ أساسي عن النقاش/ في المقابل لم تُفلِحْ مساعي رئيسِ الجمهورية جوزاف عون في ثَنْيِ وزراءِ الثنائي عن قرار الانسحاب وتسجيلِ اعتراضهم في محضر الجلسة/ إلا أن المحاولةَ باءت بالفشل/ فوقَعَ المحظور/ وفَقدت ميثاقيتَها/ ورُفعت الجلسة إلى فترة استراحة / قبل أن يعودَ مجلسُ الوزراء ويقرَّ أهدافَ الورقة الأميركية بعد انسحابِ الوزراء الشيعة وبإجماع الوزراء الباقين/ وبحسب مصادرَ مقربة من حزب الله/ فإن كلَّ السيناريوهات باتت مطروحةً بالتصعيد سياسياً/ بعيداً عن التكهنات والأهم بعيداً عن الشارع/./ ربطُ الانسحابِ برفضِ مناقشةِ ورقة توم براك قبل تصحيحِ الموقف في جلسة الثلاثاء/ يضعُ الحكومةَ في مأزِق الانقسام في وقت يَتطلبُ وَحدةَ الموقف لمواجهة ما تتضمنُه الورقةُ الأميركية من خلل في التوزان بين تهديدِ
لبنان بالعقوبات وبين الاكتفاءِ بتوبيخ إسرائيل/ ومن هذا المنطلق وبين المُرّ والأمَرّ اختار مجلسُ الوزراء برئاسة رئيسِ الجمهورية وبأغلبيتِه حصرَ السلاح بيد الدولة / وما كان هذا القرارُ لِيَمُرَّ لولا التنسيقُ الثلاثي وضِمناً عين التينة/ وهو استندَ إلى الثقة الممنوحة لخِطاب
القسم والبيانِ الوزاري/ وشَكَّل هذا القرارُ مِظلةَ حمايةٍ للبنان من التهديدات الإسرائيلية التي تخَطَّت حزبَ الله إلى البُنى التحتية للدولة اللبنانية/ وجنَّبَ لبنان مزيداً من العزلة والحصار في ظِل الضغوطِ
العربية والغربية والدولية وكان أفضلَ الممكن في ظِل عدمِ تكافؤ القوّة/ والدعمِ مُطلَقِ اليد للعدو الإسرائيلي في استباحة السيادة اللبنانية// للبنان الحقُّ في اللجوء إلى اتفاقِ الطائف الذي يُقِرُّ بحق المقاومة وتحريرِ الأرض/ لكنْ لكل زمنٍ مقاومتُه/ وفي الزمن الحاضر يُطرح السؤال إلى متى ستتحملُ البيئةُ الشيعية تحديداً وِزْرَ المراحل؟ وما هي خُطةُ الحزب للنزوح ومتفرعاتِه في حال تمسكَ برفضه القراراتِ الحكومية واعتبارِها غيرَ موجودة/ وإقدامِ العدو الإسرائيلي على توسيع اعتداءاته على لبنان/ وأمام هذه المُعضلة فَلْتُتركِ الأمورُ ولو لمرةٍ واحدة بيد الدولة / والمؤسسةِ العسكرية نزولاً عن مطلبِ غالبية اللبنانيين/ ولْتَستَعِدِ الدولةُ هيبتَها وسلطتَها وتبسُطْ سيطرتَها على جميع الاراضي اللبنانية بقواها الذاتيةِ بحسبِ خِطاب القَسَم والبيانِ الوزاري/ فالدولةُ ومعها الثنائي تقفُ بين فَكَّي كماشة/ ولبنان أصبح "ملطشة " للشرق والغرب/ وزاد "الطينَ بِلة" دخولُ الإيراني على الخط/ ليجعلَ من لبنان صندوقةَ بريدٍ وتبادلِ رسائلَ مباشِرة مع الولايات المتحدة الأميركية// الدخولُ الإيراني بذراعيه الدبلوماسي وفيلق
القدس على خط السلاح يُثبِتُ أن الجمهوريةَ الإسلامية رَبطت لبنان بحبل فيينا السري كأداةِ ضغطٍ لعودة التفاوضِ الإيراني الأميركي على المِلف النووي// كلُّ الطرقِ تؤدي إلى "فيينا"/ ومنها إلى تفكيك العُقَد/ وسَطَ عالمٍ مأزوم ومنطقةٍ بلا خرائط/ يعيشُ لبنان حالةَ انقسامٍ حدَّ الانفصام/ في مشهدٍ مُربِك ومشتبك/ تقاطعت فيه الأزماتُ السياسيةُ والأمنيةُ بالاقتصادية والاجتماعية/ في وقت تواصِلُ فيه إسرائيل عدوانَها وآخرُ فصولِه سلسلةُ اغتيالاتٍ بمسيّراتٍ نهاراً بعد حزامٍ ناري عنيف هزَّ ليلَ الجنوب.